انتهت مهلة الستين يوما التي منحها الرئيس روحاني لشركائه الأوروبيين الباقين حتى اللحظة في الاتفاق النووي، وهي كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وعليه فمن المفترض أن تكون إيران رفعت بالفعل نسبة تخصيب اليورانيوم يوم أمس الأحد.
وقد صرح بهروز كمالوندي، المتحدث باسم الوكالة الإيرانية للطاقة الذرية، أن إيران ستستأنف تخصيب اليورانيوم بمستوى أعلى من 3.67% دون كشف نسبة التخصيب الجديدة، وقد صرح مسؤول إيراني آخر لرويترز بأنه سيتم رفع نسبة التخصيب إلى 5%.
وردا على ذلك، سيعقد مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة اجتماعا بشأن البرنامج النووي الإيراني، يوم الأربعاء المقبل بطلب من الولايات المتحدة، عقب إعلان طهران أنها سترفع نسبة تخصيب اليورانيوم، مما يعد انتهاكاً للاتفاق النووي وقرار مجلس الأمن 2231.
وهذا التحرك من قبل إيران يدل على عدة مؤشرات، أولها أن التصعيد العسكري لم يؤت أكله، ولم يؤد إلى ضربة تشد عصب الداخل، كما أن التأثير الإيراني في أسواق النفط محدود للغاية، وهذا ما أثبته أيضا اجتماع أوبك+ في فيينا قبل أيام، ومن جانب آخر فالعقوبات على النفط بالغة التأثير، حيث إن تصدير مليون ونصف برميل بالكاد يفي بالاحتياجات الأساسية للميزانية كبند الرواتب، بينما مستويات التصدير اليوم تتجاوز قليلا النصف مليون برميل.
لكن الأمر الأكثر سخرية أن قرار رفع تخصيب اليورانيوم، يخالف فتوى المرشد الأعلى بحرمة التسلح النووي، كما كان يغرد جواد ظريف قبل أسابيع.
على صعيد آخر تبدو هذه الإستراتيجية في التصعيد «النووي»، وهو ما يصرح الأوروبيون بأنهم حريصون على تجنب الوصول لسلاح نووي، تدفع مزيدا من الدول للاصطفاف مع الولايات المتحدة، والابتعاد عن المنطقة الرمادية، وهو ما ظهر بالفعل من تصريحات المرشحين الأقرب لشغل منصب رئيس وزراء بريطانيا، وما أكده احتجاز البحرية البريطانية في مضيق جبل طارق لناقلة نفط إيرانية متجهة إلى سورية.
كما أن إيران تدرك جيدا الحدود التي قد تدعمها بها الدول الأقرب (روسيا والصين)، فروسيا صرحت بوضوح بأنها ليست إطفائي المنطقة، كما أنها أوضحت للإيرانيين عدم القبول بمساس أمن إسرائيل، مما يؤكد على أن يد إيران مكبلة في استخدام ورقة حزب الله، وما المفاوضات على ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل بوساطة أمريكية، يقودها نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد، إلا تأكيد على رغبة حزب الله في تجنب أي مواجهة مع إسرائيل، ويكفيه ما تلقاه بمعية الحرس الثوري من ضربات في الأراضي السورية.
الفرنسيون والألمان لا يبدو أنهم سيساندون إيران طويلا بعد تخلي إيران عن التزاماتها النووية، خاصة الفرنسيين، وهذا ما عبر عنه الرئيس ماكرون عبر اتصال له مع الرئيس روحاني، حيث أعلن الإليزيه أن الرئيس الفرنسي أبلغ نظيره الإيراني بوضوح «قلقه البالغ في مواجهة خطر إضعاف الاتّفاق النووي الموقّع مع إيران والعواقب التي ستلي ذلك بالضّرورة»
ولكي توحي إيران بأنها ما زالت تملك بعضا من الأوراق في «صبرها الإستراتيجي» كما يسميه روحاني، فقد أعلنت طهران بأنها ستواصل تقليص التزاماتها كل 60 يوماً، ما لم تتحرك الدول الموقعة الأخرى على الاتفاق لحمايته من العقوبات الأمريكية.
ذكرتني الدعاية الإيرانية، برواية شهيرة من روايات الخيال العلمي والمغامرات، للفرنسي «جون فيرن»، تدور قصتها حول ثري بريطاني يدخل تحديا مع رفقائه، بأن يجول العالم في ثمانين يوما، وهو أمر صعب التصديق في 1872، كذلك تصريحات إيران من فتوى تحريم النووي، لرفع تخصيبه، للتوعد بتهديد جديد كل ستين يوما، تؤكد أن العمائم لديها روايات خيالية، إلا أنه ليس بخيال علمي.
* كاتب سعودي
Twitter: @aAltrairi
Email: me@aaltrairi.com
وقد صرح بهروز كمالوندي، المتحدث باسم الوكالة الإيرانية للطاقة الذرية، أن إيران ستستأنف تخصيب اليورانيوم بمستوى أعلى من 3.67% دون كشف نسبة التخصيب الجديدة، وقد صرح مسؤول إيراني آخر لرويترز بأنه سيتم رفع نسبة التخصيب إلى 5%.
وردا على ذلك، سيعقد مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة اجتماعا بشأن البرنامج النووي الإيراني، يوم الأربعاء المقبل بطلب من الولايات المتحدة، عقب إعلان طهران أنها سترفع نسبة تخصيب اليورانيوم، مما يعد انتهاكاً للاتفاق النووي وقرار مجلس الأمن 2231.
وهذا التحرك من قبل إيران يدل على عدة مؤشرات، أولها أن التصعيد العسكري لم يؤت أكله، ولم يؤد إلى ضربة تشد عصب الداخل، كما أن التأثير الإيراني في أسواق النفط محدود للغاية، وهذا ما أثبته أيضا اجتماع أوبك+ في فيينا قبل أيام، ومن جانب آخر فالعقوبات على النفط بالغة التأثير، حيث إن تصدير مليون ونصف برميل بالكاد يفي بالاحتياجات الأساسية للميزانية كبند الرواتب، بينما مستويات التصدير اليوم تتجاوز قليلا النصف مليون برميل.
لكن الأمر الأكثر سخرية أن قرار رفع تخصيب اليورانيوم، يخالف فتوى المرشد الأعلى بحرمة التسلح النووي، كما كان يغرد جواد ظريف قبل أسابيع.
على صعيد آخر تبدو هذه الإستراتيجية في التصعيد «النووي»، وهو ما يصرح الأوروبيون بأنهم حريصون على تجنب الوصول لسلاح نووي، تدفع مزيدا من الدول للاصطفاف مع الولايات المتحدة، والابتعاد عن المنطقة الرمادية، وهو ما ظهر بالفعل من تصريحات المرشحين الأقرب لشغل منصب رئيس وزراء بريطانيا، وما أكده احتجاز البحرية البريطانية في مضيق جبل طارق لناقلة نفط إيرانية متجهة إلى سورية.
كما أن إيران تدرك جيدا الحدود التي قد تدعمها بها الدول الأقرب (روسيا والصين)، فروسيا صرحت بوضوح بأنها ليست إطفائي المنطقة، كما أنها أوضحت للإيرانيين عدم القبول بمساس أمن إسرائيل، مما يؤكد على أن يد إيران مكبلة في استخدام ورقة حزب الله، وما المفاوضات على ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل بوساطة أمريكية، يقودها نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد، إلا تأكيد على رغبة حزب الله في تجنب أي مواجهة مع إسرائيل، ويكفيه ما تلقاه بمعية الحرس الثوري من ضربات في الأراضي السورية.
الفرنسيون والألمان لا يبدو أنهم سيساندون إيران طويلا بعد تخلي إيران عن التزاماتها النووية، خاصة الفرنسيين، وهذا ما عبر عنه الرئيس ماكرون عبر اتصال له مع الرئيس روحاني، حيث أعلن الإليزيه أن الرئيس الفرنسي أبلغ نظيره الإيراني بوضوح «قلقه البالغ في مواجهة خطر إضعاف الاتّفاق النووي الموقّع مع إيران والعواقب التي ستلي ذلك بالضّرورة»
ولكي توحي إيران بأنها ما زالت تملك بعضا من الأوراق في «صبرها الإستراتيجي» كما يسميه روحاني، فقد أعلنت طهران بأنها ستواصل تقليص التزاماتها كل 60 يوماً، ما لم تتحرك الدول الموقعة الأخرى على الاتفاق لحمايته من العقوبات الأمريكية.
ذكرتني الدعاية الإيرانية، برواية شهيرة من روايات الخيال العلمي والمغامرات، للفرنسي «جون فيرن»، تدور قصتها حول ثري بريطاني يدخل تحديا مع رفقائه، بأن يجول العالم في ثمانين يوما، وهو أمر صعب التصديق في 1872، كذلك تصريحات إيران من فتوى تحريم النووي، لرفع تخصيبه، للتوعد بتهديد جديد كل ستين يوما، تؤكد أن العمائم لديها روايات خيالية، إلا أنه ليس بخيال علمي.
* كاتب سعودي
Twitter: @aAltrairi
Email: me@aaltrairi.com